القائمة الرئيسية

الصفحات

التقارب السعودي العراقي.. عجزت عنه أمريكا ونجح فيه الأمير محمد بن سلمان



أكدت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن خبر تحسن التقارب بين السعودية والعراق، يعتبر من أفضل الأخبار القادمة من الشرق الأوسط منذ فترة طويلة. وأشارت المجلة الامريكية الشهيرة، إلى أن هذا التحسن في العلاقات بين العراق والمملكة العربية السعودية طال انتظاره، لكن الآن بدأت الأمور تعود إلى مسارها الصحيح.
وأضافت "فورين بوليسي" أن التحسن قد بدأ في فبراير الماضي، عندما زار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بغداد، وهي أول زيارة من نوعها منذ عام 1990، واستمر في عدد من الاتصالات اللاحقة، بينها لقاء بين وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي ونائب خادم الحرمين الشريفين محمد بن سلمان في 19 يوليو.
وقالت، إن التطور الأكثر إثارة للدهشة، هو توجه الزعيم العراقي مقتدى الصدر إلى الرياض لإجراء محادثات رفيعة المستوى، بشأن تحسين العلاقات الثنائية مع السعوديين في 31 يوليو.
ونوّهت المجلة السياسية إلى تعقد علاقة الصدر مع طهران بسبب نزعته الوطنية العراقية التي يتبناها، معتبرة أنه كان حليفًا مهمًّا لإيران فترة ما بعد صدام حسين.
وتابعت أنه على الرغم من أن هذه اللقاءات لا تزال في مرحلة مبكرة، فقد أثارت إمكانية الاستعداد السعودي لدعم العراق الذي مزقته الحرب، وتخفيف القيود على التجارة والاتصالات بين البلدين، وإعادة فتح خطوط الأنابيب الضخمة التي تمرّ عبر المملكة من العراق إلى البحر الأحمر، التي تم بناؤها خلال الحرب الايرانية العراقية، ولكنها أغلقت بعد غزو صدام حسين للكويت عام 1990. كما أنها تثير احتمال مشاركة سياسية سنية ذات مغزى في العراق بعد داعش.
من وجهة نظر الولايات المتحدة والعراق، هذا التقارب يشكّل أنباء طيبة. فقد حاولت واشنطن عبثًا منذ عام 2003 إقناع السعوديين ودول الخليج الأخرى بأن لهم دور حيوي في استقرار العراق وإعادة تنظيمه الجيوسياسي، وأن انشقاق العراقيين سيقود ببساطة شيعة البلاد إلى الارتماء في أحضان الإيرانيين وتوجه السنة إلى الانضمام إلى الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش.
وتابعت فورين بوليسي أنه "على مدى السنوات الـ14 الماضية، حافظت المملكة على مسافة، قد أصبح العراق بالفعل للإيرانيين، وأنه إذا لم يكن كذلك، كان من واجب الولايات المتحدة حلّ المشكلات التي خلقتها مع الغزو". لكن نائب الملك محمد بن سلمان رحّب بإعادة تقييم السياسات القديمة والتنافس في المجالات التي تنازلت فيها المملكة عن هذا المجال.
ويمكن أن يكون العراق مستفيدًا رئيسًّا من هذا التحول، وهذا من شأنه أن يكون مفيدا للغاية للجهود الأمريكية لتحقيق الاستقرار في البلاد في أعقاب هزيمة داعش الوشيكة. كما يمكن للسعوديين أن يلعبوا دورًا مهمًّا في منع جارتهم الشمالية من الانزلاق مرة أخرى إلى الحرب الأهلية. وقد يساعد نفوذهم مع الزعماء السنيين العراقيين والقبائل من محافظة الأنبار المضطربة على تسهيل التوصل إلى تسوية سياسية تؤدي إلى حكومة أكثر تمثيلًا في بغداد.
وانفتاح المملكة العربية السعودية على العراقيين مهم أيضًا، ليس فقط للعلاقات الثنائية، بل لإعادة إدماج العراق في بيئته العربية الأوسع. وعقب اجتماع الصدر مع ولي العهد السعودي، دعُي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أعلن وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش حقبة جديدة من الارتباط بين العراق ودول الخليج العربي. والنتيجة لهذا التطور الدبلوماسي هي زيارة أربعة وزراء خارجية عرب بغداد هذا الشهر.
وقالت "فورين بوليسي"، إن الأبعاد النفسية والسياسية لهذا الأمر تتسم بأهمية متساوية. على الرغم من أن عديدًا من الشيعة العراقيين لديهم قدر من الثقة بأن إيران سوف تدعمهم عندما لا يقوم بذلك أحد، فإن معظمهم لا يحبون الطبيعة الطاغية للنفوذ الإيراني، ويرغبون في رؤية تتضاءل هذا النفوذ. لكن في الماضي، عندما حاول زعيم شيعي معتدل أن يصوغ طريقا بعيدا عن إيران، وجد أنه من المستحيل أن يجد من يحل محل سخاء طهران وحمايتها. ولا تساعد الولايات المتحدة ولا الدول العربية السنية، ما يجبر الزعيم المعتدل على العودة إلى إيران. لكن في حال وجود حليف قوي مثل السعودية، فإن الأمر سيختلف.
ويمكن للموقف السعودي المتجه نحو الأمام أن يعطي ثقة للسنة العراقيين للإحساس بالمساواة مع الشيعة في بغداد. ومع معرفتهم بأنهم يتمتعون بدعم قوي من الجيران، يمكن أن يكونوا أكثر استعدادًا للتوصل إلى حل توفيقي. كما ينبغي لها أن تجعلهم أكثر ثقة بأن المتشددين الشيعة لن يتمكنوا من تجاهل مطالبهم المشروعة في مجالات مثل التمثيل السياسي والمنافع الاقتصادية. كما يمكن أن يساعدهم على تلبية احتياجات مجتمعهم بعد الدمار الذي ألحقته داعش.
Load WordPress Sites in as fast as 37ms!